کد مطلب:240891 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:187

الآن حئت بالنصفة
روی الصدوق مجلس الرضا علیه السلام مع أهل الأدیان و أصحاب المقالات مثل الجاثلیق و رأس الجالوت و رؤساء الصابئین و الهربذ الأكبر...

بإسناده عن الحسن بن محمد النوفلی قال: «ثم التفت - أی المأمون - إلی جاثلیق فقال: یا جاثلیق هذا ابن عمی علی بن موسی بن جعفر و هو من ولد فاطمة بنت نبینا و ابن علی بن أبی طالب علیهم السلام فأحب أن تكلمه و تحاجه و تنصفه، فقال الجاثلیق، یا أمیرالمؤمنین كیف أحاج رجلا یحتج علی بكتاب أنا منكره و نبی لاأومن؟ فقال له الرضا علیه السلام یا نصرانی فإن احتججت علیك بإنجیلك أتقر به؟ قال الجاثلیق: و هل أقدر علی دفع ما نطق به الإنجیل؟ نعم و الله أقربه علی رغم أنفی، فقال له الرضا علیه السلام: سل عما بدالك، وافهم الجواب، قال الجاثلیق: ما تقول فی نبوة عیسی علیه السلام و كتابه هل تنكر منهما شیئا؟ قال الرضا علیه السلام: أنا مقر بنبوة عیسی و كتابه و ما بشربه أمته و أقربه الحواریون، و كافر بنبوة كل عیسی لم یقر بنبوة محمد صلی الله علیه و آله و بكتابه و لم یبشر به أمته، قال الجاثلیق: ألیس إنما تقطع الأحكام بشاهدی عدل؟ قال: بلی، قال: فأقم شاهدین من غیر أهل ملتك علی نبوة محمد ممن تنكره النصرانیة و سلنا مثل ذلك من غیر أهل ملتنا، قال الرضا علیه السلام الآن جئت بالنصفة یا نصرانی...» [1] .

كلمة: «الآن جئت بالنصفة» نظیرة آیة: «الئن جئت بالحق». [2] و فی القرآن الكریم ثمانی آیات و منها الآیة المذكورة جاءت فیها كلمة «الآن»: «فالئن باشروهن»، [3] و «قال إنی تبت الئن» [4] و «الئن خفف الله عنكم» [5] و «الئن حصحص الحق»، [6] و «فمن یستمع الئن یجدله شهابا رصدا»، [7] و «ءالئن و قد



[ صفحه 75]



عصیت قبل»، [8] و «ءالئن و قد كنتم به تستعجلون»، [9] و فی الأحادیث منها قول أمیرالمؤمنین: «الآن إذرجع الحق إلی أهله» [10] .

و من الأمثال: (الآن حمی الوطیس) و هو مثل نبوی كما قال المیدانی، [11] أی حل وقته، و معنی الكلمة الرضویة: أنك أنصفت فی هذا الوقت؛ لأن الآن: اسم للوقت الذی أنت فیه و هو ظرف وقع معرفة و لم تدخل علیه لام التعریف لأنه لیس له ما یشركه كما عن بعض، [12] و قال الخلیل: الآن مبنی علی الفتح [13] و ظاهره الدخول ثم الاستعمال علی البناء، و جمعه الآنات و آلآناء، و منه آیة «أمن هو قنت ءاناء الیل ساجدا و قائما»، [14] جمع «آن»: و هو اسم لشی ء من الوقف و بعد دخول الألف و اللام خص بالحاضر.

قال ابن منظور: و قالوا: الآن فجعلوا اسما لزمان الحال ثم وصفوا للتوسع فقالوا: أنا الآن أفعل كذا [15] .

و فی صادقی: «فأنا الآن أصلیها إذا سقط القرص» [16] .

و كیف كان إن كلمة «الآن جئت بالنصفة» تطابق قوله تعالی: «الئن جئت بالحق» [17] .

و النصفة و النصف: العدل و هو من الحق و إن كان الحق أشمل قال الطریحی و منه الحدیث: «خافوا الله حتی تعطوا من أنفسكم النصف» أی: الإنصاف و مثله حدیث علی علیه السلام: «و لاجعلوا بینی و بینهم نصفا». [18] و النصف: الذی ینصف [19] .



[ صفحه 76]



و جاء فی أحادیث أهل البیت علیهم السلام الاهتمام بالإنصاف منها العلوی فی قول الله تعالی: «إن الله یأمر بالعدل و الإحسن» [20] العدل: الإنصاف، و الإحسان: التفضل» [21] و الصادقی: «ألا أخبرك بأشد ما افترض الله علی خلقه؟ إنصاف الناس من أنفسهم، و مواساة الإخوان فی الله عزوجل، و ذكر الله علی كل حال فإن عرضت له طاعة الله عمل بها، و إن عرضت معصیته تركها»، [22] و العلوی: «و من إنصافه قبوله الحق إذا بان له»، [23] و الآخر: «ألا من ینصف الناس من نفسه لم یزده الله إلا عزا» [24] .

و الخوف فی السر یسبب حصول النصف كما فی كاظمی: «و خافوا الله فی السر حتی تعطوا من أنفسكم النصف» [25] .

إن العزة مشهودة لمن أنصف الناس من نفسه حتی الكافر، فتجد المعصوم علیه السلام یشهد للنصرانی بأنه جاء بالنصفة حین طلب منه إقامة شاهدین من غیر أهل ملته علی نبوة محمد صلی الله علیه و آله و كذا النصرانی علی نبوة عیسی علیه السلام فالمنصف و إن لم یكن له دین مبجل.

و یقابل النصفة المباهتة و التسرع إلی النیل من صاحبه إبقاء لماء وجهه و لم یدر المباهت المتعنت أن ترك الإنصاف ذاهب به، و سبب لسقوطه عن الأنظار و لعمر الحق إن الآیة الآمرة بالعدل و الإحسان و العدل هو الإنصاف، كما نص علیه فی الحدیث المتقدم، كافیة لمن أنصف و إلا فلم تغنه كتب السماء و إنذار المنذرین، و لاشی ء من الأشیاء؛ لأن المباهت المتعنت یمنعه تعنته من قبول الحق و لازمه الجحود المفضی به إلی الكفر.



[ صفحه 77]




[1] التوحيد 417 و 420، عيون أخبار الرضا 126:1 و 128.

[2] البقرة: 71.

[3] البقرة: 187.

[4] النساء: 18.

[5] الأنفال: 66.

[6] يوسف: 51.

[7] الجن: 9.

[8] يونس: 91.

[9] يونس: 51.

[10] النهج 139:1، الخطبة 2.

[11] مجمع الأمثال 105:2 حرف القاف.، الأمثال النبوية 36:1، رقم 15، حرف الهمزة.

[12] اللسان 42:13 في «أين» نقلا عن الجوهري.

[13] الزمر: 9.

[14] اللسان 43:1، في «أين».

[15] اللسان 41:13، في (أين).

[16] الوسائل 129:3.

[17] البقرة: 71.

[18] مجمع البحرين في (نصف) و العلوي النهج 303:1، الخطبة 22.

[19] شرح النهج للمعتزلي 304:1.

[20] النحل: 90.

[21] البحار 29:75.

[22] البحار 26:75.

[23] البحار 80:78.

[24] المصدر.

[25] أصول الكافي 288 - 287/2.